كحل الاثمد...عادة غريبة وقديمة لتطهير العين قد تنتهي بالعمى

قبل 30 شهر

شارك على

في زوايا مقابل بوابات الجامع الكبير في صنعاء يجلس الحاج احسن المطري (58 عاما) في انتظار من يأته من الصبية أو الشبان أو الطاعنون في السن لأخذ دورهم في جلسة "كحل الاثمد" التي يتحدث رجال الدين أنها "سنة" أوصى بها نبي الاسلام محمد على اعتبار أنها تجلو البصر وتنبت الشعر كما في صحيح الترمذي.

في المكان ليس الحاج احسن المطري الوحيد فهناك أمثاله متقدمون في السن يجلسون على بعد امتار منه ويمارسون نفسه العادة التي تصنف بأنها الاقدم والاغرب في اليمن.

ورغم الشمس الحارقة إلا ان الصبية يسابقون الكبار ويتقدمون الصفوف الأولى يدفعهم طيش الطفولة والفضول لخوض التجربة، يسكبون بعد أول ميل يوضع في أعينهم دموعا غزيرة مع ضحكات في مفارقة بين الألم والفرح بتحقيق إنجاز، لتتكرر نفس العملية مع آخرين.

 

وراثة من ابيه

يقول الحاج احسن المطري لـ"العربية تايمز": "كان والدي رحمه الله يأخذني معه في رمضان من كل عام إلى هنا وما زلت أتذكر أنه كحلني بيديه، وورثني ما صنعه قديما".

يضيف الحاج احسن المطري ذو اللحية البيضاء الخفيفة كخيط على وجهه الممتلئ بالتجاعيد: "بعد صلاة الظهر أبدأ في استقبال الضيوف الجدد الذين يأتون إلى الجامع الكبير ويرغبون في الاكتحال".

بعد كل عملية اكتحال يؤديها الحاج المطري تبقى الدموع التي تتساقط من العيون بعد جلسة الاكتحال هي لغة الحديث فيدخل المكتحل حالة صمت وتتحدث عيناه بالدموع، إلا أنها سرعان ما تتوقف بعد ان تصفو العين بعد حرقة شديدة في جلسة تكاد تكون اعتقادا بانها تحافظ على صحة العين وصفائها.

 

تردد واكتحال

يقول طامش يحيى الغادر (33 عاما) لـ"العربية تايمز": "ترددت كثيرا قبل خوض التجربة إلا أني قررت أخيرا وبعد أخذ ورد الجلوس أمام الحاج أحسن المطري في الانتظار وحين وصل دوري وأكملت الاكتحال شعرت أني لن أستطيع أن أرى النور مرة أخرى".

يضيف طامش والدموع ماتزال عالقة في أجفانه وهو يضحك: "عندما هدأت الحرقة وبدأت أرى كل من حولي قررت أن أكتحل مرة أخرى لكن ليس الآن".

ورغم الزحام العجيب أمام المسنين إلا أن هناك من كان يرفض الاكتحال بـ"الاثمد" خشية على عينيه، كالشاب عبدالحكيم مهدي (26 عاما) الذي يرتدي نظارة سوداء بعدسات مضادة لضوء الشمس حيث كان واقفا يستظل من أشعة الشمس ويستمتع بمشاهد الدموع والضحكات على محيا من خاضوا التجربة.

 

حساسية

يقول عبدالحكيم لـ"العربية تايمز": "أعاني حساسية مفرطة في عيني والغبار يؤثر فيهما فما بالك لو جربت هذا الشيء الذي يحرق".

يضيف عبدالحكيم: "حتى لو كان سنة عن النبي محمد لكن الانسان يجب أن يعمل العقل في هذا الجانب، فربما تتأثر عيني وتتطور الحساسية لدي وربما أفقد البصر".

كانت أجابة الشاب عبدالحكيم منطقية خاصة وأن الميل الذي يستخدم في الاكتحال هو نفسه لجميع الاشخاص الذين يرتادون المكان ويخوضون تجربة الاكتحال، حيث يقول الطبيب الاستشاري في امراض العيون، رمزي سلام، لـ"العربية تايمز: "العين عضو حساس جداً ويجب الحذر وتجنب مثل هذه العادات الضارة، وهناك اعتقاد بأن الاثمد يعالج التهاب العيون ويساعد في التخلص من ضعف النظر وهذه من المعتقدات الشائعة والخاطئة".

 

مخاطر كبيرة

وأوضح الدكتور رمزي سلام أن هناك أنواعا مقلدة منتشرة في السوق اليمنية بسبب عدم وجود جهات رقابية تسبب آلاما شديدة في العين واحمراراً في العين لاحتوائها على نسبة عالية من الرصاص والكادميوم والزرنيخ ".

وأشار الدكتور سلام إلى أن دراسات أجريت في هذا الجانب أثبتت خطر كحل الاثمد وخاصة النوع المقلد والمنتشر بكثرة في السوق المحلية، مضيفا: "كما ان الاكتحال بنفس الميل قد يتسبب في نقل امراض من شخص مصاب إلى شخص صحيح".

وحذر الدكتور عبر العربية تايمز من المخاطر الكبيرة في استخدام المستحضر الملوث بالرصاص والمعادن الثقيلة"، مؤكدا أن استعمالها لا يؤدي فقط إلى التهابات وحساسية في العين فقط فمن الممكن أن يؤدي إلى إعتام القرنية والتهاب شبكية العين وغيرها من أمراض العيون ويصل في معظم الاحيان إلى العمى".

أخبار ذات صلة

الأكثر قراءة